معاناة أهالي المعتقلين أثناء الزيارة
09/04/2014
تأتي
وفاة زوج المعتقلة "رشا الغضبان" المعتقلة في سجن القناطر الخيرية أثناء
وقوفه في طابور انتظار الزيارة لمدة ساعات إثر إصابته بحالة من الهبوط
الحاد التي أدت إلى وفاته لتؤكد أن وحشية الانقلاب وممارسته الانتقامية لا
تقتصر فقط على الأبرياء من المعتقلين؛ وإنما تمتد لتشمل الأهل والأقارب لا
يستثنى من ذلك أطفال أو كبار سن، حيث تتعمد إدارة السجون إهانتهم وإذلالهم،
والتعسف معهم في كافة الإجراءات.
و قد حاولت رصد معاناة أهالي المعتقلين أثناء الزيارة فـتنوعت الشكاوى وتوحدت مشاعر الغضب والألم لدى أهالي المعتقلين!
في
البداية وصفت "أم آلاء" زوجة المعتقل أحمد الدسوقي معاملة إدارة السجن
لأهالي المعتقلين بالوحشية واللا إنسانية، مشيرة إلى أنه بجانب طول مدة
الانتظار والتي تتجاوز في كثير من الأحيان الخمس ساعات في الشارع حيث لا
يوجد مكان للانتظار سوى الشارع في طابور طويل يمتلئ بأهالي الجنائيين، فإن
عمليات التفتيش التي يتعرض لها أهالي المعتقلين لا تقل وحشية؛ حيث تتعمد
فيها إدارة السجن إهانة أهالي المعتقلين وإرهابهم.
الأهالي غاضبون: مدة الانتظار تتجاوز الست ساعات والزيارة لا تتعدى عشر دقائق |
مؤكدة
أن الأطفال لا يتم استثناؤهم من عمليات التفتيش، تقول إن ابنتها الكبرى
آلاء والتي تبلغ من العمر عشر سنوات منذ زيارتها الأخيرة لوالدها وإصرار
إدارة السجن على تفتيشها على الرغم من حالة الخوف التي كانت عليها جعلتها
ترفض الذهاب لزيارة والدها على الرغم من ارتباطها الشديد به وسؤاله الدائم
عنها.
فيما
يصف الحاج أحمد 60 عاما رحلة زيارته الأسبوعية لابنه المعتقل بأنها معاناة
حيث إنه يسكن في محافظة المنصورة وابنه يقبع في سجن طره، يقول: بجانب مشقة
السفر التي نعانيها أسبوعيًا فإن ما نعانيه من طول الانتظار أثناء الزيارة
إلى ما يزيد عن ست ساعات في ظل حرارة الشمس الحارقة دون رأفة بمسنين أو
أطفال يكون أكثر معاناة من السفر.
مؤكدًا
أنه قد ينتهي الأمر في نهاية المطاف لدى بعض الزائرين من أهالي المعتقلين
إما بإلغاء الزيارة بحجة عدم وضوح ختم تصريح الزيارة أو بسبب نقل المعتقل
إلى سجن آخر, ويقول الحاج أحمد أما من يُسمح لهم بالزيارة فليس حالهم بأفضل
حال من غيرهم حيث لا تستغرق الزيارة سوى ثلاث دقائق أو عشر دقائق على أقصى
التقديرات، فسرعان ما تنطلق صفارة إنهاء الزيارة دون أن يتمكن الأهل من
إشباع الحد الأدنى من حاجاتهم في رؤية المعتقل والاطمئنان عليه.
"حسبنا
الله ونعم الوكيل".. هذا ما بدأت زوجة أحد المعتقلين -والتي فضلت عدم ذكر
اسمها- حيث قالت إن أهالي السجناء الجنائيين يتم معاملتهم بطريقة أكثر
إنسانية من أهالي المعتقلين السياسيين؛ حيث تكون مدة زيارتهم لأبنائهم
طويلة ولا يتم اضطهادهم وتعمد إحراجهم كما هو الحال بالنسبة لأهالي
المعتقلين السياسيين، وأكدت أن آخر زيارة لها لزوجها في سجن طره لم تستغرق
سوى ثلاث دقائق فقط، وقالت إن إدارة السجن تتعمد إهانة زوجها أمامها وأمام
أهله كنوع من الإذلال لهم جميعًا، ولكنها تؤكد أن هذه الممارسات التي تخرج
عن داخلية الانقلاب ليست بالأمر المستغرب عليها وأنها لن تفت في عضدهم من
شيء بل تزيد وتعلي من كرامة زوجها في نظرها ونظر أبنائه، مؤكدة أنها على
يقين بقدوم يوم ينتقم فيه الله من كل هؤلاء الظالمين.
زوجة أحد المعتقلين: إدارة السجن تتعمد إهانتنا وإرهاب أطفالنا |
ومن
جانبه قال محمد زغلول -شقيق المعتقل أحمد زغلول والذي يعمل محاميا- إن أخي
تم اعتقاله على الرغم من أنه كان موكلا للدفاع عن عدد من المعتقلين في
أحداث مسجد الفتح وليس له أي توجه سياسي، مشيرًا إلى أن زيارة المعتقل
أصبحت مصدرا لزيادة الحزن والألم والشعور بالمهانة لدى المعتقل وأهله على
حد سواء، فبمجرد النظر إلى المعتقل وما هو عليه من الضعف الجسماني والهيئة
الرثة يزيد ألم أهله وحسرتهم عليه، كما يزيد من معاناته هو أيضًا بجانب ما
يعانيه من أوضاع لا آدمية داخل السجن من ضيق المكان ومخالطة المجرمين
والبلطجية، مؤكدًا أن مضايقات الزيارة هي جزء من سلسلة طويلة من المضايقات
التي تمارس على الأهالي.
المنع من الزيارة
وبجانب
انتهاك حقوق أهالي المعتقلين في الزيارة فإنه على الجانب الآخر يمنع عدد
كبير من الأهالي من الزيارة بشكل كامل على الرغم من مخالفة ذلك الصريحة
للقانون، حيث تواصل سلطات الانقلاب العسكري منع استخراج تصاريح زيارة لأسر
ومحامين عدد من رموز الدولة والثورة المعتقلين، بشكلٍ مخالف للقانون المحلي
والدولي.
ومن
الأسماء الممنوعة من الزيارة المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام
للإخوان، د. أسامة ياسين وزير الشباب في حكومة هشام قنديل، د. أحمد عبد
العاطي مدير مكتب رئيس الجمهورية، أيمن عبد الرؤوف هدهد مستشار الرئيس
للشئون الأمنية، د. أيمن علي سيد مستشار الرئيس لشئون الإعلام والخارج، م.
أسعد الشيخة نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية، كمال السيد محمد سيد أحمد،
وليد عبد الرؤوف شلبي المستشار الإعلامي للمرشد العام للإخوان المسلمين.
من
جانبها أدانت رابطة أسر معتقلي سجون طره الإجراءات التعسفية بحق المعتقلين،
ومنعهم وذويهم ومحاميهم من حقٍّ قانوني أصيل، يعتبر مخالفته جريمة لن تسقط
بالتقادم.
دولة اللاقانون
في هذا
الإطار أكد أسامة صدقي -رئيس رابطة محامين بلا حدود- أن ما تمارسه إدارة
السجون ضد أهالي المعتقلين يمثل مخالفة صريحة للقانون، مشيرًا إلى أن
الزيارة حق أصيل لكل معتقل، كما أنها حق لأهالي المعتقلين كفله القانون
وحدده في العديد المواد المنظمة للوائح الداخلية الخاصة بشأن الزيارة؛ حيث
إن هناك مدة معينة لا تقل عن نصف ساعة وعلى أقل التقديرات تكون ربع ساعة
يستطيع فيها المعتقل التواصل مع أهلة دون أي مضايقات يتساوى في دلك جميع
السجناء والمعتقلين.
كما أن للمحامي حق زيارة المعتقل دون أن تمارس عليه أي تضييقات من شأنها أن تؤثر على سير العدالة.
وتابع
أسامة أن ما نتحدث عنه من نصوص قانون يمكن الاستناد إليه عندما نكون في
دولة تحترم القانون، ولكننا نعيش اليوم في دولة اللاقانون والتي تصبح فيها
كل المخالفات أمرا طبيعيا والعمل بالقانون هو الاستثناء، ومن ثم يرى أن كل
ما يمارس ضد أهالي المعتقلين من معارضي الانقلاب أثناء الزيارة ما هو إلا
محاولات للضغط والاستفزاز المتعمد للأهالي بسبب مواقفهم المعارضة للانقلاب
وليس له علاقة بالقانون.
مؤكدًا
أن ما تقوم به إدارة السجون من اضطهاد ومعاملة سيئة لأسر المعتقلين أثناء
الزيارة لا يتنافى فقط مع الجوانب الإنسانية وإنما فيه مخالفة صريحة
للقوانين ولوائح السجون التي تجعل الزيارة حقا أصيلا للمعتقل دون تفرقة بين
معتقل سياسي وآخر جنائي، فوفقا للمادة (38) من القانون رقم 396 والمادة
(60) من اللائحة الداخلية للسجون العمومية والليمانات والمادة (34) من
اللائحة الداخلية للسجون المركزية رقم 1954لسنة 1971م فإن الزيارة حق أصيل
لكل معتقل ولذويهم أن يزورهم مرة واحدة كل أسبوع، كما حدد القانون مدة
الزيارة والتي تختلف من سجن لآخر؛ ففي السجون العمومية مدة الزيارة العادية
ربع ساعة أما الزيارة الخاصة التي تتم وفقا لأحكام المادة 40 من القانون
فمدتها نصف ساعة ويجوز لمدير السجن أو المأمور إطالة هذه المادة إذا دعت
لذلك ضرورة، كما لا يوجد تقيد بأعداد الزائرين.
أسامة صدقي: الزيارة حق يكفله القانون ويغتاله الانقلابيون |
مؤكدًا أن
هذا هو نص القانون الذي كان من المفترض تطبيقه ولكن لأن الانقلابيين بكل
أدواتهم وأذرعهم لا يؤمنون بالقانون نجدهم يستبدلون بالقانون ممارسات
انتقامية لا تتوافق إلا مع دولة اللاقانون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق