الأحد، 5 يونيو 2016

ذكرى النكسة.. كذبة توغل العسكر داخل إسرائيل!

أرشيفية
05/06/2016

 
تطل ذكرى هزيمة يونيو 1967 من قلب نكسة أخرى لا تقل عنها مرارة، تتمثل في هزيمة الشعب المصري في 30 يونيو 2013 أمام جنرالات النكسة الأولى والمفارقة أن كيان الاحتلال الإسرائيلي حاضر بقوة في النكستين، إلا أنه هذه المرة يحارب بالوكالة عن طريق قيادات فاسدة في الجيش المصري، تطوعت لتكون حائط ناري لأمان إسرائيل.
 
وتعتبر نكسة يونيو 1967 برأي كثير من المراقبين هزيمة للجيوش العربية، التي تقاعست عن القتال بعد خسارة الفلسطينيين 22% من أراضيهم التي بقيت بعد احتلال عام 1948.
 
ويقول أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة القدس محمود محارب "إن الفلسطينيين لم يكونوا في الحقيقة طرفًا في القتال خلال حرب عام 1967، وما حدث كان هجومًا إسرائيليًا على مصر والأردن وسوريا".
 
وحسب محارب، فإن إسرائيل احتلت باقي فلسطين بهزيمتها للأنظمة العربية الفاسدة، ولاحقًا تركت هذه الأنظمة مهمة تحرير فلسطين للفلسطينيين وحدهم.
 
ويرى محارب أن العرب تاريخيًا لم يحضّروا أو يستعدوا لخوص حرب حقيقية ضد إسرائيل إلا في حرب الاستنزاف التي تلت هزيمة يونيو مباشرة، ومن ثم حرب أكتوبر عام 1973. 
 
 
النكسة نتيجة طبيعية!
 
يرى مراقبون أن نكسة 5 يونيو 1967 نتيجة طبيعية، انطلاقًا من مقدمات كارثية من احتراف الكذب وتسويق الأوهام للشعب، عبر ماكينة إعلام العسكر في نظام الانقلاب الذي قاده جمال عبد الناصر، وفي النسخة الجديدة من النكسة 30 يونيو 2013 نرى استنساخ يكاد يكون مُطابق للحقبة الناصرية في الخمسينيات والستينيات.
 
ما معناه أن المصريين على موعد مع كابوس نكسة 5 يونيو 1967 المُذلة، فيما سُمي حينها بحرب الأيام الستة؛ حيث احتل العدو الصهيوني خلالها شبه جزيرة سيناء والجولان السورية والقدس والضفة الغربية وقطاع غزة وما تبقى من الأرض الفلسطينية.
 
وقد انتهجت جمهورية العسكر في النكسة الأولى نهج الحكم الشمولي الديكتاتوري، الذي لا يؤمن بتداول السلطة أو الحريات أو المعارضة، فكان عبد الناصر الزعيم الأوحد والحزب الأوحد، والصوت الأوحد والإعلام الأوحد الموجه (إذاعة وتليفزيون وصحف تحت التأميم وأفواه مُكمّمة تحت الرقيب العسكري)، واقتصاد موجه (اشتراكي)، وقضاء مُسيّس، فدفعت مصر ثمنًا فادحًا، ودرسًا قاسيًّا نتيجة للعنتريات الناصرية الصبيانية، والخطابات الحنجورية الفارغة، على وقع هزيمة مروعة على كافة الأصعدة، عنوانها الأكبر هو الاستبداد، أصل كل داء.
 
مسافة السكة!
 
وفي النسخة الأولى للنكسة تم خديعة المصريين - كما يجري الأن- بأسطورة الجيش المصري محترف "مسافة السكة"، حائط الصد المنطقة العربية، وطالع المصريون في صحف ناصر قواميسًا من الأكاذيب الصارخة من عينة، صاروخ الرائد الذي يبلغ مداه 1000 كم والذي يستطيع اختراق نطاق الجاذبية الأرضية إلى الفضاء الخارجي، ونقرأ أيضًا: انتصار علمي وعسكري ضخم للجمهورية العربية المتحدة حيث تمت تجربة أول طائرة مقاتلة صُممت وصُنعت في مصر تفوق سرعة الصوت مرتين، السر الكبير الذي حفظته القاهرة حتى تحقق.. هكذا قال الخبر، وياللهول!.
 
وطالع المصريون أخبارا من عينة اكتشاف العلاج بالكفتة والرياح التي تصد صواريخ اليهود، فكان على صدر صحف الديكتاتور مانشيتات مضحكة من عينة: قواتنا تتوغل داخل إسرائيل، والجيش العربي يزحف إلى تل أبيت، وأسقطتنا العشرات من طائرات للعدو، والعدد في زيادة والبركة في بيانات مكتب المشير عبد الحكيم عامر.. إلى ما هنالك من البيانات العسكرية التي كانت تذيعها إذاعة صوت العرب بالأمر المباشر عن أمجاد العرب والجيش المصري الذي لا يُشقّ له غبار!.
 
وفي النسخة الحالية من النكسة السيساوية العسكرية، تخطينا العسكر مرحلة الكذب إلى الأحلام وتسويق الأوهام، فتارة أن مصر خالية من الإرهاب خلال أيام، وتمر الأسابيع والشهور لنقترب من العامين دون تحقيق أهم هدف وهو الأمن والأمان، وأن مصر مقبلة على رخاء اقتصادي غير مسبوق وتفجر ينابيع الخير التي تجعلنا في مقدمة أغنى دول المنطقة قريبًا، وسط ادعاء الجنرال الحاكم الدائم بأن (مصر أم الدنيا وحتبقى أد الدنيا)، ولم يجني المصريون طوال أعوام نكسة 30 يونيو 2013 وحتى الأن إلا الضنك والفقر ولم نرى غير سياسة التسول ومد اليد للعدو قبل الصديق.
 
الشعب العدو ويجب خداعه!
 
في النسخة الحالية من النكسة حل الشعب المصري مكان إسرائيل، وقام العسكر بتفيذ خطة خداع ضد الشعب بأن الجيش خارقٌ للعادة، وعابر للقارات بصولاته وجولاته، فخرج أحد الدراويش بلباسه العسكري السامي ليزف للعالم أم الاختراعات، ودرّة الاكتشافات العلمية، وهو جهاز علاج مرضى فيروس سي فضلاً عن مرض الإيدز فيما عُرف وقتها بعلاج"الكفتة"، واكتشف المصريون "الفنكوش الكبير"؛حيث لا يعدو كونه أحد أهم تجليات حكم العسكر في تسويق الأوهام واحتراف الكذب، وسيظل هذا الاختراع الأضحوكة عالقًا في الذاكرة كأحد أكبر مساخر الانقلاب والحكم العسكري عامةً، المضحكة المبكية في آن واحد.
 
واقتصاديًا يستلهم عسكر نكسة 30 يونيو 2013 خطى "الخديوي إسماعيل" في البذخ والترف والإسراف من أموال الشعب على مظاهر الأُبهة الفارغة، والذي فتح الباب أمام التدخل الأجنبي الذي أفضي بالتبعية إلى الاحتلال الفعلي، بما يُظهر مدي التناقض والإزدواجية في التعاطي مع الركود الاقتصادي المريع الذي يشهد به العدو قبل الحبيب، ودعوات شد الحزام، والطنطنة على مصطلحات "مفيش"و"معنديش"، فضلًا عن توجيه دعوات أبواق اعلامية تابعة للنظام مؤخرًا للشباب بضرورة السفر للخارج وعدم الإعتماد على حكومة الانقلاب (المفلسة).
 
وقام الخديوي السيسي بافتتاح فنكوش ترعة قناة السويس، وإنشاء صندوق جديد لتمويل الحفل الأسطوري؛ حيث ذكرت مصادر صحفية عن إنشاء 20 نصبًا تذكاريًّا بارتفاعات مختلفة، لا تقل عن 30 مترًا، تُعبّر عن تاريخ مصر بمراحله المختلفة، وتزيين المجرى الملاحي للقناة (برًا وبحرًا وجوًا) في محافظات القناة الثلاث (الإسماعيلية والسويس وبورسعيد).
 
هذا في الوقت الذي أعلن خبراء على رأسهم أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة د. حازم حسني عدم جدوى المشروع اقتصاديًّا، لأنه كان موجوداً بالأساس لدى هيئة القناة وتم رفضه لتكلفته العالية، وأن العائد منه غير مجدِ، وهو ما ظهر بعد ذلك حيث استدانت هيئة القناة من البنوك لسد مديونياتها ودفع رواتب الموظفين.
 
الأخطر من ذلك كله أن هذا المشروع الأسطوري كما يروج النظام وإعلامه، هو في حقيقته مقدمة لاحتلال سيناء مرة أخرى، حيث نشر الدكتور محمد الإبياري، رئيس قسم الجيولوجيا بجامعة حلوان، بحثًا يؤكد فيه أن مشروع القناة يخدم إسرائيل لأسباب عدة، أهمها أن احتلال سيناء في المستقبل لن يُمكّن مصر حينها من استعادتها مرة أخرى، لأن المشروع فصل سيناء عن مصر نظرًا لإتساع عرض القناة.
 
وأكد "الإبياري" في بحثه: أن “المشروع عند إضافة مساحته العرضية إلى عرض القناة الحالي يكون 313 مترًا، وهو عرض يستحيل معه وضع رؤوس جسور على طول القناة من الجانبين، وذلك لقوة الأمواج، وبالتالي فإن هذا المشروع يخدم دولاً على الجانب الآخر من القناة(ويقصد إسرائيل بالطبع) ربما تطمع في احتلال سيناء يومًا ما".
 
أنظمة فساد
 
وحسب مراقبين، فإن الأنظمة العربية بعد النسخة الأولى من النكسة في 5 يونيو 1967، تحولت إلى أنظمة استبداد وفساد تسعى للتوريث وانفراد الحاكم بالسلطة متحالفًا مع أجهزة المخابرات ورجال الأعمال، وهو ما كان جليًا وظاهرًا في مصر في نهاية حقبة المخلوع حسني مبارك.
 
وذهبت الأنظمة العربية في عهد ما بعد النكسة وانهيار "فنكوش" المشروع القومي العربي الناصري، إلى تيئيس الشعوب وإقناعها بأنها غير قادرة على مواجهة إسرائيل رغم القوة الكامنة فيها، ولم تنخرط في أي مشروع قد يفضي لفرض عقوبات على إسرائيل بل في كثير من الأحيان شكلت درعا لهذا الاحتلال، كما هو الحال الأن عندما رفض نظام السيسي مساءلة إسرائيل في مجلس الأمن.
 
وبهذه المكاسب يعلل المراقبون القلق الإسرائيلي تجاه الربيع العربي، وعلى العكس من ذلك تظل حركات المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها "حماس"، منذ النكبة وتاليا بعد النكسة، وعدم اعترافهم بالهزيمة بانخراطهم في مشروع تحرر طويل واستعدادهم للموت دائمًا من أجل حريتهم، كل ذلك ألهم الشعوب العربية تحديها لاستبداد أنظمتها، وفي هذه اللحظة تحولت الهزيمة إلى درس يستفيد منه الجميع بحتمية سقوط الانقلاب ومعه جدار حماية إسرائيل.
 الرابط:
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق