من ينقذ مصر؟
بقلم: عبد الرحمن يوسف
مصر تحتاج إلى إنقاذ، فهي تسير بسرعة رهيبة إلى هاوية سحيقة..!
يقودها عميل، أدخل البلد بكل مؤسساتها في
تحالفات دولية قذرة، وما زال يورط البلد كلها – خصوصا الجيش – في أعمال
سفلية لا تقوم بها إلا أحط المليشيات، ويعوّل عليه الغرب (وحلفاؤه
الإقليميون) الكثير، فهم يرونه رجل المهمات القذرة، ويأملون في أن يتولى
الجيش المصري القيام بأدوار مخزية لم تقم بها مصر في تاريخها أبدا.
القمع الداخلي مظهر من مظاهر هذه الأدوار،
وحادث سيناء الذي سقط فيه المصلون برصاصات لا يعلم مصدرها إلا الله؛ سيتم
توظيفه من أجل تحقيق أجندات إسرائيلية.
لا أقول إن أجهزة الدولة قد صنعت المشهد،
فلا أملك دليلا على ذلك، ولكننا جميعا نملك عشرات الأدلة على مسؤولية
الدولة في الوصول إلى هذا الحال، ونملك عشرات الأدلة على أن الحل الذي
تطرحه الدولة هو تهجير أهالي سيناء من أرضهم.. وهذا مطلب صهيوني لا يخدم
إلا صفقة القرن التي ستكون على حساب سيناء.. أرضا وبشرا وسيادة.
لماذا يكون الحل الذي يطرحه الخبراء (ومسؤولون أمنيون في بعض الأحيان) هو التهجير؟
إن محاولة استبعاد أو تجاهل توظيف السلطة السياسية لمثل هذه الحوادث؛ هو شكل من أشكال السذاجة السياسية التي لا ينبغي أن نقع فيها.
البعض يتعامى عن وجود تنظيمات إرهابية،
ويتهمون الدولة وأجهزتها بصناعة كل ما يحدث، ويعتبرون أن جميع أحداث العنف
من تدبير أجهزة التخابر..
وهذا خطأ، ولكن لا يمكن لعاقل أن يتعامى عن
التوظيف السياسي لهذه العمليات، والذي يوحي (على الأقل) باستفادة الدولة من
ترك هذه التنظيمات تصول وتجول ويتعاظم نفوذها؛ لكي تحدث الفوضى المطلوبة،
وحينها تتدخل الدولة بالحل السحري…
فنرى سيناريوهات تخدم أجندات أجنبية لا علاقة لها بمصلحة الوطن.
***
إن التطرف الذي يزعمون محاربته؛ لم يولد إلا
بمجيئهم إلى السلطة، وهو تطرف لا يعيش إلا بهم، يرضع من ثدي الزنازين
الانفرادية، ويتغذى على جلسات التعذيب في المعتقلات، وينتشر مع انتشار
الجرب في المعتقلات، ويتوغل في أدمغة الناس مع حالات الاختفاء القسري،
وينال حاضنته الشعبية بحالات التصفية الجسدية خارج إطار القانون..
إنه إرهاب الدولة، هي من صنعته، وهي من
تستفيد من وجوده، وهي الحريصة على استمراره، ولو خرج إلينا اليوم رجل وقال
“عندي حل لمشكلة الإرهاب والتطرف ينهيها في يوم وليلة”.. لقتلته الدولة في
الحال!
هؤلاء الذين يزعمون محاربة الإرهاب قاموا
بوضع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في قائمة المنظمات الإرهابية، وإذا
كان هذا الاتحاد كذلك.. فمن المعتدل إذن؟
الأزهر؟ هل سلم الأزهر نفسه من الاتهامات
بالإرهاب؟ ألم يتهموا الأزهر ومناهج الأزهر وشيخ الأزهر بالإرهاب؟ ألم
يشنوا حملة شعواء ضد الأزهر استمرت لعدة أسابيع بسبب خلاف مع رئيس جمهورية
الأمر الواقع عبد الفتاح “سيسي”؟
***
هناك خطة قد وضعت للمنطقة، والعميل الذي
يحكم مصر يقاتل من أجل تحقيقها. ومن العناوين الرئيسية في هذه الخطة؛ هو
تفريغ سيناء من أجل صفقة تبادل الأراضي المزمع إجراؤها من أجل توطين عدد من
اللاجئين الفلسطينيين، والقضاء على ما كان يسمى في يوم ما “قضية فلسطين”.
***
ما دورنا وسط هذه الأحداث الجسام؟
أولاً وقبل كل شيء.. أن نثبت أمام الله ثم
الناس والتاريخ
أننا مهما حدث سنتمسك بحلم الدولة المدنية الديمقراطية،
وأننا سنقاوم كل محاولات جرنا إلى العنف، وأننا لن نقبل أي ابتزاز من أي
أحد لكي نغمض أعيننا عن الظلم الواقع على أهلنا وأشقائنا المصريين في
سيناء.
لن يبتزنا أحد لنسكت على أفاعيل السلطة بحجة اتهامنا بالإرهاب!
نحن ضد الإرهاب.. ولكن لن نسمح بتوظيف أحداث العنف من أجل طرح فكرة تهجير أهالي سيناء.. سنتهمكم أنتم بالإرهاب يا أهل الحكم!
ثانيًا: أن نتوحد!
لم يعد مقبولا منا أن نتخندق خلف أفكارنا
وأيديولجياتنا بينما مصر تُقسَّمُ فعليا لتمنح أراضيها وسيادتها لكل القوى
الدولية والإقليمية دون أي اعتبار لمستقبل العباد والبلاد.
مصر محاصرة.. من الجنوب بسد النهضة الذي لا يعلم عواقبه إلا الله، ومن الواضح أن وصول الماء لمصر سيكون بشرط وصوله لإسرائيل.
ومحاصرة من الشمال بتغيير حدودها البحرية، بنهب ثرواتها من الغاز.
ومحاصرة من الغرب في ليبيا، فيريدونها دولة
تتفجر وتتشظى، وستصبح صداعا يستنزفنا لسنوات طوال إذا نجحت – لا قدر الله –
السيناريوهات التي يتآمرون لتحقيقها في ليبيا.
ومحاصرة من الشرق.. بجار يتحكم فينا بكل
وسائل التحكم، دون أن يهدد باستخدام ترسانته النووية.. لقد أصبح هو الحاكم
الفعلي، ولو أن إسرائيل احتلتنا بشكل مباشر لما تجرأ جيشها على فعل عُشر ما
نفعله بأنفسنا.
لا يمكن السكوت على هذا الوضع الذي وصلت له
مصر.. نحن على أبواب فتنة كبرى، وقد آن لمن يحبون هذا الوطن أن يتحدوا –
برغم خلافاتهم – لكي ينقذوا هذا الوطن.. فهل من إنقاذ؟!
----