الزيادة السكانية "بعبع" الفشلة وفرصة الناجحين
01/10/2017
بضيق أفق معهود من قائد الانقلاب العسكري عبد
الفتاح السيسي يكرر قائد الانقلاب العسكري، للمرة العاشرة، تحذيراته من
الزيادة السكنية، موبخًا الشعب المصري على ممارسة حقوقهم في الإنجاب.
وكسلفه المخلوع مبارك، الذي ظل لسنوات يتهكم
على الزيادة السكانية دون البحث عن سبل الاستفادة منها، ربط السيسي المخاطر
المحدقة بمصر بقضيتي الإرهاب والزيادة السكانية التي وصفها بأنها الأكثر
خطرًا على العموم، متجاهلاً مخاطر الديون والقروض والخراب الذي تسبب فيه
فيه الانقلاب العسكري، بما يهدد مصر بالإفلاس ورهن وبيع أصولها بالقطعة لمن
يدفع من "عيال زايد" أو السعوديين وإسرائيل.
وأمس، جرى إعلان نتائج التعداد الجديد الذي
أظهر أن عدد المصريين داخل البلاد وخارجها تخطى 104 ملايين، وهو ما وضع مصر
في المرتبة الـ13 عالميًا من ناحية عدد السكان.
وعرض رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة
والإحصاء "اللواء" أبو بكر الجندي، نتائج التعداد بمقر الجهاز في مدينة
نصر، بحضور قائد الانقلاب العسكري، لافتًا إلى أن التعداد سجّل 94 مليونًا
و798 ألفًا و827 مواطنًا في داخل مصر، بينما قدّرت وزارة الخارجية أعداد
المصريين في الخارج بـ9.4 ملايين، بإجمالي 104.2 ملايين مصري، وقال: "من
بين كل 10 مصريين يوجد واحد (منهم) في الخارج".
وكشف الإحصاء أن الشباب والاطفال هم النسبة
الأكبر من عدد المصريين. وهو ما تجاهله الانقلابيون في حديثهم، أمس، رغم
اهمية ذلك الرقم في التنمية والتطور وبناء المستقبل.
وفي 25 يوليو، تحدث السيسي خلال المؤتمر
الوطني للشباب في دورته الرابعة بمكتبة الإسكندرية. وخلال الجلسة الخاصة
بـ«رؤية مصر 2030"، علق السيسي قائلاً: "إنني لم أتحدث مطلقًا خلال عامين
عن موضوع الزيادة السكانية والذي أعتبره تحدياً... فأكبر خطرين يواجهان مصر
في تاريخها هما الإرهاب والزيادة السكانية"، مضيفًا أن "الزيادة السكانية
تقلل فرص مصر في أن تتقدم للأمام".
واسترسل قائلاً: "لقد تحدثت في هذا الأمر
على استحياء، لكن اليوم أتحدث بصوت أكبر، إذا كنا نرغب في توفير موارد
للتعليم وتوفير وظائف مناسبة للشباب والصحة يجب أن يتم ضبط النمو السكاني".
لا رؤية للتنمية
ولم يستطع السيسي ولا نظام العسكر المتحكم
في مصر أن يطوروا رؤية تنموية لاستثمار ما يزيد عن 70% من سكان مصر، من
الشباب ، في التوسع الصناعي أو الزراعي او التنموي، كما فعلت الصين التي
يبلغ عدد سكانها ما يزيد عن المليار.ورغم ذلك يحتل اقتصادها المرتبة الأولى
عالميًا.
الأزمة التي يتحدث عنها "الفاشل" تعتبرها
دول العالم المقوم الأول للنجاح، ويسعون إلى استثمارها بالشكل الأمثل.
وبحسب دراسات علمية متخصصة، لا تزال دول العالم المتقدمة تبحث عن معالجات
صحيحة لتحقيق التوازن والانسجام بين نسبة الفئات العمرية المكونة للمجتمع،
فكثير من الدول الأوربية تعاني من قلة في شريحة الشباب مقابل زيادة مضطردة
في شريحة المسنين وكبار السن، وهذا يعني من جهة قلة الأيدي العاملة، مع
تضخم في أعداد المسنين الذين ليس بمقدورهم العمل، ليس هذا فحسب بل يحتاجون
الى تقديم الرعاية، ما يعني مضاعفة المصاعب التي يواجهها المجتمع.
وقد برز مصطلح رأس المال البشري كمصطلح
اقتصادي على الرغم من كونه لا يمت بصلة للأموال أو المعاملات التجارية
والاقتصادية، إلا أن المجتمعات المتقدمة أخذت تهتم بصورة متصاعدة برأس
المال البشري، في محاولة لخلق موازنة بين شريحة الشباب وشريحة الكبار السن،
حتى لا تصبح الأخيرة ثقلا على المجتمع، خاصة أن الشريحة الشبابية تمثل
نسبة كبيرة من الأيدي العاملة التي تحتاجها الدولة لمواصلة الانتاج وتحسين
الاقتصاد.
وتحت هذا الهاجس من ضمور الشباب وزيادة
المسنين بدأت الدول التي تعاني من هذه الظاهرة تقوم بجمع معلومات دقيقة عن
هذه الظاهرة حيث قال مكتب الإحصاء الاتحادي بالمانيا، إن ألمانيا شهدت في
2015 عددا من المواليد أكبر من أي عام منذ سنة 2000 مشيرا في الوقت نفسه
إلى أن الوفيات فاقتهم، ويعاني أكبر اقتصاد في أوروبا "ألمانيا" مثلا، من
ارتفاع نسبة كبار السن بين السكان. ووفرت الحكومة مساعدات أكثر سخاء
للأمهات والآباء خلال السنوات العشر الأخيرة في محاولة لزيادة معدل
المواليد.
اليابان
وفي السياق نفسه دفع البحث عن علاج لمشكلة
الارتفاع السريع في أعداد كبار السن المسئولين اليابانيين إلى استكشاف سبل
جلب المزيد من العمال الأجانب دون إطلاق مسمى "سياسة الهجرة" على هذه
الخطوة، وفي ايطاليا في السنوات الخمس عشرة الماضية زادت أعداد من تجاوزوا
المئة عام أكثر من ثلاثة أضعاف، رغم ان العام 2015 سجل ارتفاعًا كبيرًا في
الوفيات في البلاد، على ما اظهر تقرير صحي، فقد كان عدد من هم فوق المئة
عام خمسة الاف و650 شخصا في العام 2002، وارتفع العدد الى 19 الفا في العام
2015، بحسب المرصد الوطني للصحة، وبذلك ارتفعت نسبة من تجاوزوا المئة عام
الى ثلاثة في كل مئة ألف في العام 2015.
وهكذا بات رأس المال البشري يمثل هاجسا طاغيا تفكر وتنشغل به الدول
والمجتمعات المتطورة؛ أما السيسي وانقلابه فلا يقدرون تلك النعمة، المتمثلة
بزيادة السكان والمواليد من الأطفال، لعجزهم عن بناء استراتيجية وطنية
للتنمية...بدلا من تعظيم الإنفاق على برامج مجاربة النسل، وحرمان المواليد
الجدد من الدعم التمويني، وشيطنة المواليد والانجاب والزواج، وهو ما يفتح
الباب أمام الأمراض الاجتماعية المدمرة للمجتمعات وهو ما لا يعيه السيسي
وانقلابه.